هذا نصّ كتاب مفتوح موجّه إلى البابا فرنسيس، يمكنكم التوقيع عليه إذا شئتم. فحال توفّر عدد كاف من التواقيع سيتمّ رفعه إلى قداسته. لذلك نعبّر لكم عن شكرنا الصادق آملين منكم التعريف بهذا الكتاب في محيطكم وبين معارفكم. ولا يسعنا في هذا الإطار إلّا الإشارة والتذكير بالفقرة التالية من القانون الكنسيّ:
” يحقّ للمؤمنين، بمقتضى المعرفة والكفاءة والمعنويّة التي يتحلّون بها، كما يتوجّب عليهم أحيانا أن ينقلوا إلى الرعاة المكرّسين آراءهم حول ما يمسّ الكنيسة وأن يُطلعوا المؤمنين الآخرين عليها، وذلك بهدف الحفاظ على سلامة الإيمان والآداب والإحترام الواجب نحو الرعاة، آخذين بعين الإعتبار الفائدة المشتركة وكرامة الأشخاص.” (القانون الكنسيّ المادّة 212، الفقرة 3)

كتاب مفتوح
من مسلمين سابقين اعتنقوا الدين المسيحي ومن اصدقائهم
إلى قداسة البابا فرنسيس
حول مواقفه من الإسلام

قداسة البابا فرنسيس،

حاولنا مرّات عديدة ومنذ بضع سنوات الإتّصال بقداستكم دون جدوى. كما لم نتلقّ أيّ إشعار من الدوائر الفاتيكانيّة باستلام رسائلنا وطلبات اللقاء بقداستكم. نعرف جيّدا أنّكم لا تحبّون كثيرا المظاهر الدنيويّة، ونحن كذلك. ولكن اسمحوا لنا أن نخاطبكم بكلّ صراحة ونقول لكم بصدق وإخلاص بأنّنا لا نفهم إطلاقا التعاليم التي تطلقونها عن الإسلام، مثل التي نقرأها في الفقرتين 252 و253 من رسالتكم (Evangelii Gaudium) “لأنها لا تأخذ بعين الإعتبار أنّ الإسلام الذي أتى بعد المسيح لا يستطيع أن يكون إلا منبثقا من المسيح الدجّال” (رسالة يوحنّا الأولى 2: ، 22)، كما تكمن الخطورة الشديدة عندما تصفون الإسلام كمكمّل للوحي الإلهي (علما أنّ الإسلام لا يعتبر يسوع المسيح إلا مجرّد نبيّ كباقي الإنبياء).

إذا كان الإسلام بحدّ ذاته دينا صالحا، كما يبدو من تعاليمكم، فلماذا تركناه نحن وتحوّلنا إلى الدين المسيحي؟ ألا تورّطنا هذه التعاليم وتدفعنا إلى إعادة النظر في صحّة وشرعيّة الخيار الذي اتخذناه… بعد تعريض حياتنا للخطر الدائم؟ ألا يأمر الإسلام بقتل المرتدّين (القرآن 4،89 و8،7-11)؟ هل تجهلون ذلك؟ هل من الممكن مقارنة العنف الإسلامي مع العنف المسيحي المزعوم؟ ما هي العلاقة بين المسيح والشيطان؟ أيّ اتّحاد يجمع بين النور والظلمة؟ أيّة شراكة يمكن أن تقوم بين المؤمن وغير المؤمن؟ (2كورنتوس 6، 14-17)” فبموجب تعاليم الإنجيل (لوقا 14،26)، فضّلنا السيّد المسيح على حياتنا الخاصّة. ألسنا نحن أكثر أهلا وعلما ومعرفة بالإسلام لنحدّثكم عن حقيقته؟

في الواقع، منذ أن اعتَبَرَنا الإسلام أعداء له، فهو يعاملنا فعلا كأعداء له ينبغي تصفيتهم جسديّا. فكلّ محاولات الودّ والصداقة والتضامن والتعاون والتفاهم معه، لم تجدِ نفعا ولم تغيّر شيئا. كمسيح دجّال، لا يستطيع الإسلام أن يجد مبرّرا لوجوده إلا كعدوّ للجميع. “بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتّى تؤمنوا بالله وحده” (القرآن 60،4). في نظر القرآن، المسيحيّون أيّ المشركون هم “دَنَس” (القرآن 9،28)، “هم شرّ البريّة” (القرآن 98،6)، و”مصيرهم نار جهنّم” (القرآن 4،48)، “قاتلهم الله أنّى يؤفّكون” (القرآن 9،30). لا يتعيّن عليكم الإفراط في الآيات القرآنية التي توصف بالسمحة، فقد أُبطل مفعولها لأنّها “نُسخَت” كلّها في آية السيف (القرآن 9،5). فبينما يعلن الإنجيل البشرى الصالحة عن يسوع الذي مات وقام لخلاص الإنسانيّة بكاملها، إتماما للعهد الذي قطعه مع الشعب العبرانيّ، ياتي إله المسلمين ولا يطرح سوى الحرب والقتل “للكفرة” مقابل وصول أتباعه إلى جنّته: “إنّ لهم الجنّة يُقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون” (القرآن 9،111). نحن لا نخلط بين الإسلام والمسلمين، ولكن إذا كان “الحوار” بنظركم هو السبيل إلى السلام، فإنّه بنظر الإسلام طريقة أخرى للحرب. وهكذا، كما كان الحال مع النازيّة والشيوعيّة، فالسلوك “الملائكيّ” او الكثير من التسامح تحاه الإسلام يُعتبَر انتحارا ويُعرّض للخطر الشديد. كيف نتكلّم عن السلام ونكفل الإسلام، كما يبدو أنّكم فاعلون: “لنقتلع من قلوبنا المرض الذي يسمّم حياتنا… فالذين هم مسيحيّون ليفعلوا ذلك عبر الكتاب المقدّس. والذين هم مسلمون فليفعلوا ذلك بواسطة القرآن” (روما 20 يناير 2014). أن يقوم البابا بطرح القرآن كوسيلة للخلاص،أليس ذلك امر مقلق للغاية؟ هل يتعيّن علينا إذا العودة إلى الإسلام؟

نناشدكم، يا قداسة البابا، أن لا تبحثوا في الإسلام عن حليف في نضالكم ضدّ القوى التى تسعى للسيطرة على العالم ولاستعباده، لأنّه يعمل مثلها بنفس المنطق التوتاليتاري القائم على رفض مملكة المسيح ومحاربتها (لوقا 4،7). نحن نعرف جيّدا أن التنّين الذي يتحدّث عنه سفر الرؤيا والذي يتأهّب لافتراس المرأة وابنها، له عدّة رؤوس… فإله الإسلام يدافع بالتالي عن هكذا تحالفات (القرآن 5،51)! كذلك عاتب الأنبياء باستمرار إسرائيل (أو الشعب العبراني) على ميلهم للتحالف مع القوى الأجنبيّة، وذلك على حساب الثقة المطلقة بالربّ الإله. إنّه لمن المؤكد أنّ التجربة قويّة عندما نفكّر باعتماد خطاب مؤيّد للإسلام، من شأنه أن يخفّف الكثير من آلام المسيحيّين القاطنين في البلدان التي تأسلمت أو التي تخضع لحكم إسلاميّ. غير أنّ المسيح لم يدلّنا على طريق آخر غير طريق الصليب، وذلك كي نسلكها ونجد فيها فرحنا وعزاءنا، وليس لنهرب منها مع كلّ الهالكين. نحن لا نشكّ إطلاقا بأنّ إعلان الحقيقة وحده يوفّر لنا الخلاص والحريّة (يوحنا 8،32). فواجبنا يفرض علينا أن نشهد للحقّ ونبشّر بكلام الربّ “بوقته أو بغير وقته” (2تيموتاوس 4،2). ونحن نفتخر إذا استطعنا القول مع القديس بولس: “إنّما شئت أن لا اعرف شيئا، وأنا بينكم، غير يسوع المسيح، بل يسوع المسيح المصلوب” (1كو 2،2).

بالتزامن مع خطاب قداستكم عن الإسلام، نلاحظ انّ الرئيس التركي أردوغان يحثّ كغيره مواطنيه على عدم الإندماج في البلدان المضيفة لهم. كذلك نرى أنّ المملكة العربيّة السعوديّة ودول الخايج العربيّ المصدّرة للبترول، ترفض استقبال أيّ لاجئ مسلم على أراضيها. أليست هذه ادلّة دامغة، تضاف إلى مؤشّرات أخرى، تبرز مشروع غزو آوروبا وأسلمتها، كما أعلنت ذلك رسميّا “منظّمة المؤتمر الإسلاميّ” وغيرها من المنظّمات الإسلاميّة، منذ عدّة عقود؟ بالرغم من كلّ ذلك، ما زلتم تبشّرون وتحثّون الدول الأوروبيّة على استقبال المهاجرين دون الأخذ بالإعتبار كونهم مسلمين، بينما الوصيّة الرسوليّة تمنع ذلك. “إذا جاءكم أحد بغير هذا التعليم فلا تقبلوه عندكم ولا تقولوا له: السلام عليك. من سلّم عليه شاركه في أعماله السيئة” (2 يوحنا 1،10-11). “إذا بشّركم أحد بشارة غير التي قبلتموها منّا، فاللعنة عليه” (غلاطية 1،8-9).

أما قول السيّد المسيح “كنت جائعا ولم تطعموني” (متى 25،35) فلا يمكن أن يعني أنّ يسوع كان يحبّ أن يكون طفيليّا. وكذلك قوله “كنت غريبا ولم تأووني” لا يعني إطلاقا “كنت غازيا فآويتموني”، بل “كنت بحاجة إلى ضيافتكم لفترة زمنيّة محدّدة، فاستضفتموني”. إنّ كلمة “كسانوس” (Xénos) في العهد الجديد، لا تعني فقط “الغريب” بل أيضا “الضيف” (روم 16،23؛ 1كور 16، 5-6؛ كول 4،10؛ 3يوحنا 1،5). وعندما أمر يهوه في العهد القديم بحسن معاملة الغرباء لأنّ العبرانيّين كانوا أيضا غرباء في مصر، اشترط أن يتكيّف الغريب مع الشعب المختار، فيعتنق دينه ويمارس شعائره. فلم يتحدّث عن استقبال غريب يحتفظ بدينه وبتقاليده.

كذلك لا نستطيع أن نفهم مطالبتكم بممارسة المسلمين طقوسهم في أوروبا. فمعنى الكتاب المقدّس لا يمكن توظيفه من قبل مشجّعي العولمة، بل يُعتمد عليه في إطار الأمانة على التقليد، علما أن من واجب الراعي الصالح أن يطرد الذئب وأن يمنعه من الدخول إلى حظيرة الخراف.

إن خطاب قداستكم الداعم للإسلام يدفعنا إلى الأسى والتأسّف على عدم دعوتكم للمسلمين لترك الإسلام. وهذا ما دفع بعدد من المسلمين السابقين المتنصّرين، أمثال مجدي علّام، وغيره، إلى ترك الكنيسة الكاثوليكيّة، بسبب اشمئزازهم من هذا الجبن، وألمهم من التصرّفات المريبة، وارتعابهم من غياب العمل الرسولي، وسخطهم من تبجيل الإسلام… هكذا يتمّ تضليل النفوس الضعيفة وتتلاشى تنشئة المسيحيّين لمجابهة الإسلام، كما دعى إلى ذلك القديس يوحنا بولس الثاني (Ecclesia in Europa, n° 57). وهكذا يتخيّل لنا يضا أنّ أخاكم في الأسقفيّة، المطران آميل نونا، راعي أبرشيّة الكلدان الكاثوليك في الموصل، والمنفي عن أبرشيته، يتكلّم في الصحراء ولا يصغي إليه أحد عندما يقول: “ليست العذابات التي نتعرّض لها نحن في الشرق إلا مقدّمة للعذابات التي ستتعرّضون لها في مستقبل قريب، أنتم الأوروبيّون والمسيحيّون في الغرب. لقد فقدت أبرشيّتي، كما احتلّ مبنى الأسقفيّة ومركز عملنا الرسولي مسلمون متطرّفون أخذوا يفرضون علينا اعتناق الإسلام أو الموت قتلا (…) وأنتم تستقبلون اليوم في بلدانكم عددا كبيرا منهم يتزايد يوما بعد يوم. فأنتم في حالة خطر داهم. عليكم باتّخاذ قرارات حاسمة وشجاعة (…) أنتم تفكّرون بأنّ الناس متساوون جميعا، ولكنّ الإسلام يرفض ذلك (…) وإذا لم تدركوا هذه الحقيقة سريعا، فستقعون ضحايا العدوّ الذي تستقبلونه في دياركم…” (9 أغسطس2014). فنحن اليوم أمام قضيّة موت أو حياة، وكلّ مساومة مع الإسلام خيانة. نحن نرفض أسلمة الغرب، كما نرفض أن يساهم عملكم ونشاطكم ومواقفكم في هذا السبيل. فإلى أين نلجأ بعد ذلك؟

إسمحوا لنا أن نطلب من قداستكم أن تدعوا سريعا إلى سينودس لدراسة مخاطر الإسلام. ماذا بقي من الكنيسة في أيّ مكان حلّ فيه الإسلام؟ عندما يُسمح لها بالبقاء، يُفرض عليها الخضوع لنظام الذمّة، والإمتناع عن ممارسة أيّ عمل رسوليّ. وهكذا تتنكّر لجوهر وجودها…

فاستنادا لمبدأ إحقاق الحقّ والعدالة، يتعيّن على الكنيسة أن تكشف علانيّة خطأ البراهين التي يقدّمها الإسلام لتبرير ازدراء الإيمان المسيحي. إذا تجرّأت وأقدمت الكنيسة على هذه الخطوة، فسيتحوّل الملايين من المسلمين والباحثين عن الإله الحقّ إلى المسيح ويعتنقون الإيمان المسيحي. نذكّركم بما قلتم في إحدى عظاتكم في 14 مارس 2013: “إنّ الذي لا يصلّي للمسيح، يُصلّي للشيطان”. فلو أدرك الناس أنّهم سيذهبون إلى نار جهنّم، لأعطوا حياتهم كلّها للمسيح (القرآن 3،35).

وفي الختام، يسعدنا نحن المؤمنون المسيحيّون الآتون من الإسلام، والمدعومون من إخوتنا وأخواتنا في الإيمان، خاصّة من مسيحيّي الشرق ومن أصدقائنا في كلّ مكان، أن نتوجّه إلى قداستكم، من خلال حبّنا العميق لسيّدنا يسوع المسيح، الإله الحقّ والإنسان الحقّ، المخلّص الوحيد، الذي يرعى كنيسته عبر شخصكم الكريم، ملتمسين خطابا صريحا وواضحا عن الإسلام. كما نؤكّد تضامننا مع قداستكم بالصلاة لقلب مريم الطاهر، راجين الحصول على بركتكم الرسوليّة.

لائحة بأسماء الموقّعين وعناوينهم الإلكترونيّة (من المؤكّد أنّ عددا من المسلمين السابقين لن يوقّعوا هنا، خوفا من الإعتداءات المحتملة عليهم وعلى ذويهم)

الإسم
المهنة أو الحالة الإجتماعيّة
العنوان الإلكتروني